“حنظلة“
في تلك الساعة لم ترسل برقيات المشتاقين لمن غابوا..
لم تشعل اي شموع في الذكرى…
حنظلة ينام
حنظلة يغني في الطرقات و يبكي..
لم يعلم ان الحب بأرضي مرتبط برذاذ الموت..
لم يعلم ان العربي الفذ غدا حلما ميتا لا يرويه سوى التجار..
حنظلة يدير الظهر و يبكي…
لم يظهر في التاريخ البشري كذاك الدمع!!
كان يهدهد صخب الناس..
يغسل عيب الفجر!
يمسح دنس الذل عن التاريخ..
كان على قدر الحزن عزيزا يشمخ فوق شيوخ المال
كان يهذب صخب الثورة في اﻷنحاء
ويكتب في الطرقات سنرجع يوما يا رباه.. يا رباه!!
علمهم أن الحد بقطع اليد إن سرقت خبزا ليس كما فسره الناس!!!
علمهم ان السارق ليس لقيط الليل بفرن الخبز بأرض البؤس
يريد غذاءا يأكل منه المنسيون..
علمهم ان السارق عاد..
أعلمهم ان السارق ذاك الواقف خلف السور
-وأمه تشرب سم التعب-..
يعاين قطا لعب فنام …
-وأمه تأكل ذل الحقب-
فخاف الواقف ان يسترسل نوم القط
فأرسل في طلب العملاق
-طبيب القط-
ومحص في المنظار لكي يترقب ريح القادم من خلف الطرقات
لكي يسترجع او يرجع للقط النشوة او يستعطف شعب العار..
أعلمهم ان السارق ذاك الواقف خلف السور
-وأمه تقتل تطعن ترمى في الساحات ويقذفها النكاحون بألف دمار!
علمهم ان السارق ذاك الواقف/
ذاك الخامل في الصحوات يقامر من أجمل
ثدي أمرأة ام وطن أم صك حصار!!
علمهم ان الأم فلسطين…
وافاجؤ ان الليل غدا اكثر ليلا كالنكبات..
وافاجؤ أن الشعب العربي يراقص نفسه في الساحات
وافاجؤ ان لا تنضح لغتي بالاسماء الثورية كل صباح…
لم يفهم دمعك يا حنظلة سواك…
لم يشعر بنحاس الموت يذوب عليك سوى الاسفلت
لم يسمع صوتك يا حنظلة سواك
قبحا للموت!!!
قبحا للقبضة حين تعانق كأس الخمر ولا تجتاح..
قبحا للقبضة حين تفارق عز الطعنة كل صباح!!
قبحا لنفوس لا تستعظم قتل الناس..
لم يسمع دمعك يا حنظلة سواك…
لم ينصت إلا البكاؤون كمثلك في الطرقات..
لم ينصت أحد يا رباه… يا رباه…
ما هذا الوجع الساكن في الأحشاء و لا يتحرك!!
ما تلك الشهوة في الاعماق لطعن جيوش الظلم ألا تنزاح!
يكفينا الصم البكم العمي اما في بطن نساء العرب سوى الشذاذ..
دعات النسوة و الحانات أما في بطن نساء العرب سوى الرواد مواقف ذل في التطبيع و في الترويع وفي الغارات دعات الصمت و في الثورات دعات القحط وفي الغزوات
اما في الارض -وهذي الأرض جمال الله- اما في هذا الرمل الخامد فوق النار أزيز قرار!!
أدب رباه جموح القهر بقلب النار اذا ما المؤمن ألف العار
اشعل رباه جنون الثأر اذا ما هاج من المظلوم ونادى سخطا يا للثار!
حنظلة يغني فوق الجرح و يبكي…
كان الوطن وحيدا يصغي…
يبكي لبكائه يتقلب.. ينزف تعبا…
يذوي الما و صداه عويل…
وينازع شهب الضوء بكأس الخمارين…
لم يبق لحنظلة سوى أن يرحل.. أن يترك كل الاحلام و يرحل…
فالموت جميل في أرضي…
و “الحزن جميل”
والراية يحملها القتلة..
والنوم ثقيل…
د. محمد موسى