نص الكلمة التي القيتها في حفل توقيع كتاب الواقع والمرتجى في روايات زينب حفني. للكاتبة غنى الريس سعدنايل، وبحضور لفيف من الأهل والأصدقاء وجمع غفير من الكتاب والشعراء والمثقفين في مقدمتهم الملتقى الثقافي الجامعي ورئيسه الدكتور علي زيتون ومجلة المنافذ الثقافية وجمهور من المهتمين
ايها السيدات والسادة
أرباب الفكر والادب والثقافة
اسمحوا لي ان أعبر لكم عن سعادتي بتواجدي بكنفكم وبين حنايا رقيكم في وقت نفتقد لنور الادب وبهجة الفكر ونحن نعاني زمن التغريب والتجهيل
وما تواجدنا في هذه الباقة الجمالية إلا تعبيرا للتحدي لما نرى من تخلف فكري وحضاري منتشر
وما تعاوننا مع الاستاذة غنى الريس الا نوعا من انواع التعاضد والتكاتف في سبيل تطبيق شعار مؤسسة الرحاب بأن الثقافة هي عصب الحضارة والرقي ،لمَ لا وهي التي لا تعترف بالجغرافيا ولا بالمسافات المصطنعة بين البشر
في أوائل القرن العشرين طلب الشيخ جمال الدين الافغاني من سليمان البستاني ترجمة ألياذة هوميروس الى العربية. وبتعجب سأله البستاني عن السبب فقال له بالحرف: لو ترجم العرب في القرون المزدهرة الياذة هوميروس وتركوا علم المنطق عند أرسطو، لطغى الفكر الأدبي الصاقل للابداع على علم المنطق المنتج للمصالح.
ان تقوم كاتبة لبنانية باختيار ناحية من نواحي الادب المجتمعي من خلال بحث نقدي لكاتبة من غير بيئتها المحيطة، لهو عمل تشكر عليه ونعتد به وبانتمائها الفكري الشامل.. فدراسة روائية سعودية كتبت وتحملت الكثير من النقد لمعالجة حالات اجتماعية وتوجهات فكرية طموحة ،لهو عمل انساني بالدرجة الاولى ودليل على سعة افق الكاتبة
التي نعلم مدى معاناتها للحصول على المراجع والمصادر والتنقيب
ايها السادة
بالرغم من كل ما يقال عن أزمة الكتاب أو النشر في العالم العربي
وبالرغم من الظروف الخانقة التي تحيط بالمؤلفين والناشرين في كل الدول العربية؛
ومع أن أعداد الكتب المطبوعة في تراجع مستمر؛
إلا أنني سأسمح لنفسي اليوم بالقول: إن الكتاب العربي بخير وسيصمد وسيستمر.
لن أدعم موقفي هذا بمدى اتساع أفق حرية النشر والتعبير في العالم العربي، ولا بالإجراءات المتخذة لستهيل حرية انتقال الكتاب بلا حدود، ولا بإلتزامات الحكومات العربية بتفعيل القرارات (المترهلة) لوزراء الثقافة العرب منذ العام 1978 والمنادية بحرية الكتاب والكاتب، ولا بالتزام المعايير المهنية في الإجراءات الرقابية التنظيمية فى الحدود التى أقرتها المؤسسات الدولية؛
أدعم تفاؤلي هذا بالقول أنه على الرغم من التراجع الحضاري الشامل الذي تعيشه معظم الدول العربية؛
وعلى الرغم من حالات التفكك المجتمعية التي تتخبط بها معظم الشعوب العربية التي تعود شيئاً فشيئأ الى التقوقع المذهبي والقبلي حيث لا حرية ولا ابداع؛
إلا أننا ما زلنا نشارك مثقفينَ رواداً في عالم الادب والفكر، انتاجَهم الغزير، هذا الانتاج الذي لم تعطله الظروف الصعبة، ولم تنل منه شيوع الهمجية في جل مناطقنا.
نحن اليوم وفي هذا اللقاء الادبي تحديداً، وفي رحاب المؤسسات الفكرية الصامدة، أمام حالة أدبية أبتْ إلا أن تجبرنا على التفاؤل، وتلزمنا البقاء في ساحات الابداع مهما بلغت الصعاب المعنوية أو المادية التي تعودنا على تجاوز سلبياتها.
السيدات والسادة
جل طموحنا اليوم أن نحافظ كناشرين وكمبدعين على الحد الأدنى من مقومات الصمود في مواجهة التحديات، ولكننا وأمام وجود مبدعين كثر كالاستاذة غنى الريس وأمثالها، يصبح من البديهي أن نفكر بتحويل النشر في العالم العربي الى قطاع إنتاجي مربح عن طريق الاستفادة من التراكم المعرفي لانتاج اقتصاد المعرفة الذي يتحول اليوم في ظل العولمة الى قطاع يساهم في 2 في المئة من الانتاج الاقتصادي العالمي. وهذا يتطلب تضافر الجهود بين المفكرين والمبدعين والمؤسسات المتخصصة للحفاظ على مكانة لبنان في العالم العربي وعلى مكانة العالم العربي في العالم.
ايها السادة
اكرر تهنئتي للكاتبة غنى الريس واشكركم جزيلا لسعة صدركم وتشريفنا بحضوركم الكريم ….. وشكرا