بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم الدكتورة راعدة المصري
لينا أستاذة جامعية نالت الدكتوراة في اطروحة تناولت فيها عالم نتاج عوض شعبان الروائي ونالت تقدير جيد جدا لها ابحاث عديدة نشرت ىفي مجلات علمية وشاركت في عدّة مؤتمرات شاركت والدها في كتاب عنوانه ” قراءة في بواكير الرواية اللبنانيّة نشرت أطروحتها عن عوض شعبان عن دار العودة.
عمر شبلي شاعر بقاعي لبناني عربي كبير .أصدر العديد من المجموعات الشعرية آخرها ” أيّ خبز فيك يا هذا المطر ” ترجم شعر حافظ الشيرازي الى العربية شعرا في اربعة مجلدات . له دراسات نقدية منها : دراسته عن المتنبي وأخرى عن حافظ الشيرازي وثالثة عن الشاعر الجنوبي الكبير محمد علي شمس الدين يبقى أنّ عمر شبلي مدرسة في الثقافة ومدرسة في الشعر .فلسطين هي التي تشغل باله وتمثّل بالنسبة اليه المرشد والطريق الى الحقيقة.
يكشف كتاب شرح الحكم للدكتورة لينا زيتون والاستاذ عمر شبلي عن شخصية تاريخية ادت دورا مهما في اغناء تراثنا الادبي اهتم بها الشعراء المعاصـرون و أكثـروا مـن اسـتدعائها فـي شـعرهم و قصـائدهم، وهي شخصية متعددة الجوانب.
يبين الكتاب رؤية المتنبي المتصلة بعنصرين اثنين، ومضات من تجربته في الحياة ، وثقافته أضاءات على عمقها عبر وقفات فنية فريدة فى تاريخ الأدب العربى, وشرح كل بيت، واعراب ما يجب اعرابه من كلمات لتبيان وضعها النحوي والدلالي.
واهمية هذا الكتاب وفق ما جاء في مقدمته” وتحديدا في هذا الزمن الصعب الذي فيه الامة على خط زلزال لا يدرك ما يحدثه من خراب ودمار في روح الامة “.
والمتنبي كشاعر غربة في طموحه إلـى الانسان العربي شديد الشبه بالعربي في هذه الأيام حين يقول:
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
وَلَكِنَّ الفَتى العَرَبِيَّ فيها غَريبُ الوَجهِ وَاليَدِ وَاللِسانِ
هناك شبه ما بالزمان، والمعطى فالعربي اليوم غريب الوجه واليد واللسان . رسمت حكم المتنبي اوجاع الامة العربية والاسلامية . وأشارت مقدمة الكتاب إلى واقعنا العربي المتردي الذي نعيشه وكيف ان شعر المتنبي ينطبق على حالنا.
وَسِوى الرومِ خَلفَ ظَهرٍكَ رومٌ فَعَلى أَيِّ جانِبَيكَ تَميلُ.
عاصر المتنبي حقبة عصيبة من تاريخ العـرب، شهد بداية القرن الرابع الهجري العاشر ميلادي تفكك الدولة العربية الإسلامية، فقد غلبت الأطراف على المركز،و كثر التنازع على السلطة ـ وكان الوجه العربي والإسلامي داميا ومأسويا، فالـبلاد عرضـة لهجمـات روم متـآمرة في الخارج وأخوة أعداء يطعنون في الظهر أدوات لهم في الداخل.
ساداتُ كلِّ أناسٍ من نُفوسِهِمِ
وســـادةُ المسلميــنَ الأعـبـُدُ القَزَمُ
أغايةُ الدين أن تُحفوا شواربَكم
يا أمَّةً ضَحِكَت من جَهلِها الأمَمُ
فكان لابد من إحياء هذه الأمة من خلال نبض ما إبداعي وليكن الشعر، من أجل ذلك .
فأبدع في وصف المعارك، ملامسا فيها الفنّ الملحمي .
قدم الكتاب جملة من القيّم التي نحتاجها في حياتنا المعاصر في السلم والحرب والبطولة والموت، فقد تغنى المتنبي:بكرامة الانسان/بالموت بشجاعة/رفض الذل والرضوخ/امن بقوة السيف
ولا تَحْسَبَنّ المَجْدَ زِقّاً وقَيْنَةً
فما المَجدُ إلاّ السّيفُ والفَتكةُ البِكرُ
وتَضريبُ أعناقِ المُلوكِ وأن تُرَى
لكَ الهَبَواتُ السّودُ والعسكرُ المَجْرُ
وترْكُكَ في الدّنْيا دَوِيّاً كأنّما
تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشرُ
فالمقاومة بالسيف التي تحدث عنها المتنبي هي ذاتها المقاومة بالبندقية والمدفع عند رجال المقاومة الاسلامية اذ يدافعون عن كرامة الامة وعزتها
وَمَنْ طَلَبَ الفَتْحَ الجَليلَ فإنّمَا
مَفاتِيحُهُ البِيضُ الخِفافُ الصّوَارِمُ
إذا كنتَ تَرْضَى أنْ تَعيشَ بذِلّةٍ
فَلا تَسْتَعِدَّنّ الحُسامَ اليَمَانِيَا
فشباب المقاومة مفخرة الامة قدموا أنفسهم قرابين على مذبح الحرية والكرامة فهم من ذكرهم المتنبي:
يهونُ علينا أنْ تُصابَ جُسومُنا و تسلمَ أعراضٌ لنا وعقولُ .
فَإِن تَكُنِ الدَولاتُ قِسماً فَإِنَّها لِمَن وَرَدَ المَوتَ الزُؤامَ تَدولُ
تحية الى سيد المقاومة، السيد حسن نصر الله، صانع الانتصارات قاهر الصهاينة، المتصدي للجماعات التكفيرية، معيدا امجاد الأمة وكأن بالمتنبي يمدحه بقوله:
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ
لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ
يشكر الملتقى الثقافي رئيس بلدية شمسطار راعي هذا العمل ونأمل أن تتكرر هذه اللقاءات لتتحول العلاقة بالتراث من صيغة التلقين إلى صيغة علمية جديدة، تهدف الى اكتشاف أسرار المبدعين في تراثنا، وربط الجيل الصاعد بقيم ثقافتنا المقاومة، ثقافة الحياة .