كلمة حفل التّوقيع
زحلة 17/4/2015
كلّ الشّكر للأساتذة الكرام لقد أسبغتم عليّ ما قد لا أستحقه، الصّديقة العزيزة الدّكتورة فاتن المرّ، والزّميلة الصّديقة الدكتورة إلهام صليبا، وأستاذي العزيز الدّكتور علي زيتون ومهما بلغتُ تبقى أنتَ المنهل والأساس…
كما أشكر طالبيّ العزيزين ريتا وزياد على تقديمهما المميّز…
والشّكر إلى القيمين على الغرفة لاحتضانهما هذا الحفل…
والشّكر لكلّ مَن شاركنا الحضور في هذه القاعة…
أيّها الحضورُ الكريم…
هي علامة من العلامات الصّحيّة في المجتمع أن نجتمع من أجل كتاب.. والمظهر الأكثر صحّةً هو أن نجتمع من أجل كتابٍ أكاديميٍّ من هذا النّوع… وما دامت هذه الحال قائمةً، فلا بدّ من أن يبقى في هذا المجتمع أملٌ للأجيال الطّالعة…
أمّا عن الكتاب، فهو محاولة لإعادة الاعتبار إلى ظاهرةٍ شعريّةٍ سادت النّتاج الحديث في مجتمعنا، عُرفت باسم القصيدة التّمّوزيّة، وأطلقتُ عليها اسم شعر الفداء والانبعاث.
إعادة اعتبارٍ إلى حقيقة هذه الظّاهرة وانتمائها… فهي ظاهرة نابعة من هذه الأرض ومن تراثها وتاريخها، استمدّت روحيّتها وحيويّتها من الرّموز الفدائيّة الانبعاثيّة في بلادنا، منذ تمّوز وإنانا وآدون والفينيق، وصولاً إلى الرّمز الفدائيّ الأرقى المتمثّل بالفادي يسوع المسيح، وغيرها من الرّموز التي احتضنتها هذه الأرض معبّرةً عن فكرٍ حيٍّ عدّته بعض الشّعوب إثماً، وأُطلق عليه “الاثم الكنعانيّ”.
وكما شكّلت تلك الرّموز رؤيةً فلسفيّةً خاصّةً إلى الوجود، انطلاقاً من كون الفداء شرطاً حاسماً لاستمرار الحياة وتطوّرها… شكّل شعر الفداء والانبعاث رؤيةً فلسفيّةً متقدّمةً نحو الوجود ونحو المجتمع ومصيره، منطلقها فعل التّضحية في سبيل الخلاص من حال الانحطاط والتّخلّف.
على هذا الأساس، كان هذا الكتاب دعوةً للنّظر إلى الشّعر الحديث عموماً، والتّمّوزي خصوصاً، من وجهةٍ مخالفةٍ للسّائد المألوف، ليس بوصفه ممثّلاً لوجهةٍ غربيّة المنشأ، أو نتيجةً لغزوٍ ثقافيٍّ غربيٍّ بحت؛ ولا بوصفه مجسّداً للمفهوم الشّعريّ التّقليديّ القائم على النّظم.
لذلك أقدّم لكم كتابي هذا برؤيته الخاصّة التي قد تفاجئ البعض أو تصدمهم، ليكون مادّةً للحوار الحيويّ، ومصدراً لإعادة التّفكير في الحياة والأدب والفنّ، عساه يكون على قدر ما رجوته منه.
وفي الختام، كلمتي موجّهة إلى ذاك الرّاحل بلا انبعاثٍ في غياهب الحضور، ناظراً إليّ بعينيه الدّامعتين.. وثغره الباسم.. قلبه الباسم.. أقول له: “لأوّل مرة ما منكون سوا”
د. لؤي زيتوني